العلاج النفسي والتعامل مع الأزمات
Crisis intervention Psychotherapy
إعداد
د/ خالد محمود عبد الوهاب
استشاري الصحة النفسية
مجمع الأمل للصحة النفسية بالدمام
العالم مليء بأشخاص يحملون بين جنباتهم قنابل موقوتة , يسيرون بها أينما
ذهبوا , وتنفجر بدافع الحزن أو الغضب أو الخوف , في مواقف قد يرى البعض
أنها لا تستحق ذلك الانفجار . لماذا ؟؟؟
أولا : ما هي الأزمة Crisis ؟
هي أيضا الشدة أو الضائقة , ويمكن أن نعرفها بأنها( مجموعة الأحداث التي
تقع على كافة مستويات التوتر , وتنتج عن العديد من الأسباب المختلفة ,
والتي قد تكون خطيرة أو مخيفة أو مؤلمة,أو مزعجة , وكلها تقريبا تعبير عن
القلق) . وبرغم اختلاف الأسباب والنتائج ,إلا أن هناك عوامل مشتركة تجمع
بين تلك الشدائد منها :
• السرعة : حيث أنها تتم سريعا , دون إعطاء الفرصة للتحليل والتفكير .
فبمجرد ظهور المثير , تأتي الاستجابة الغير متوقعة . ولكن لابد وأن نتأكد
من أن هناك عمليات كثيرة تعمل داخل الفرد وتهيئ لظهور تلك الاستجابات , في
موقف قد لا يراه الكثيرون يستحق تلك الحالة .
• التعقيد : حيث تتضمن مواقف المحن ردود أفعال نفسية وتغيرات جسدية
وفسيولوجية . لذلك يجب التعامل مع كل تلك التغيرات , حتى يتم السيطرة على
الموقف .
• التفاعل : هي مواقف تتطلب التعامل معها , نظرا لأنها رسالة يوجهها إلينا
الفرد الذي يمر بها , لذلك لابد وأن نكون على استعداد للتدخل معها فور
حدوثها , بشكل يحد من خطورتها .
• التكرار : هي عمليات متكررة , وكلما تكررت كلما ازدادت تعقيدا وحدة .
لذلك ينبغي العمل على مساعدة الشخص في محاولة تجنبها قدر الإمكان , سواء
كان ذلك بتدريبه على كيفية اكتشافها مبكرا , أو التعامل معها بكفاءة عندما
تظهر مرة أخرى .
العلاج النفسي مع بعض نماذج الأزمات :
سوف نركز هنا على أهم الأزمات النفسية التي يتم التعامل معها وهي : نوبات
الهلع أو الفزع"الخوف الشديد" , الغضب وثورته , الحزن الشديد " الذي قد
يدفع للتفكير في الانتحار .
أولا : نوبات الهلع :
وهي عبارة عن نوبات خوف يصاحبها قلق حاد , يمر بها الفرد في موقف ما (
الأسواق , الأماكن المغلقة , بعض أنواع الحيوانات ) . وللتعامل مع تلك
النوبات عليك ما يلي :
1. فكر أولا : حتى تتمكن من تقديم خدمة فعالة .
2. فكر في البدائل , واختار أفضلها : ليس هناك حل واحد نظرا لاختلاف الأسباب عند كل فرد .
3. حدد الهدف من تدخلك : الحد من تفاقم الأزمة , أو مساعدة الفرد على
تحملها ليتمكن من السيطرة عليها فيما بعد " أساليب العلاج السلوكي التي
يمكن استخدامها " .
4. ساعده على مواصلة النشاط : نظرا لأن مستوى الأدرينالين يكون مرتفع ,
لذلك لابد من العمل على حرقه , وبالتالي لن يكون التدخل بالاسترخاء مفيدا
أثناء النوبة .
5. تحدث معه عن الحالة : بدلا من أن تطلب منه نسيانها , فالتحدث عنها
يساعدك في مناقشته فيها , وفي أسبابها , وكيفية رصد بداياتها والتعامل
معها فيما بعد .
6. تجاهل اعتراضاته وانتقاداته لك : لا تنفذ طلباته بالهروب أو الابتعاد
عن مصدر الخطر الذي يخيفه , بل ساعده على المواصلة حتى يبدأ في فهم ضرورة
وكيفية التعامل معها .
7. استخلص النتائج بعد نهاية النوبة : قد يشعر الفرد بالخجل والحرج بعد
نهاية النوبة , وقد يندم عما صدر منه , ويحاول الاعتذار . شجعه على التحدث
عن النوبة , وما حدث فيها , وكيفية نهايتها دون حدوث ما كان يتوقعه , وكيف
يمكن مواجهتها فيما بعد .
ثانيا : نوبات الاكتئاب الشديد :
حالة من الحزن الحاد والعميق التي يعيشها المريض , دون وجود أسباب واقعية
منطقية تستدعي تلك الحالة . وغالبا ما يصاحب تلك الحالة الشعور باليأس
والعجز , الشعور بعدم القدرة على المواجهة , الشعور الدائم بالفشل ,
الإقلال من قيمة الذات والانتقاد المستمر لها . كذلك قد يصاحب تلك النوبات
الحادة بعض الأفكار أو الميول الانتحارية . وللتعامل مع تلك النوبات عليك
ما يلي :
1. فكر أولا : في كيفية التعامل مع الحالة , وهل ستستمع بتعاطف وانفعال
لكل ما يقال من ذكريات وخبرات سيئة ؟ مريض الاكتئاب سيتحدث عن خبرات كثيرة
سيئة ليؤكد لك أنه على حق في كل ما يفكر فيه . عليك أن تحدد موقف هام
وأخير , كان السبب في تلك النوبة , حتى يمكن أن تبدأ منه العلاج .
2. تجاهل الدموع : لا تنتظر حتى ينتهي , ولا تطلب منه الكف , وذلك حتى لا
تخضع لطلباته . شجعه على الحديث عما أثاره حتى تبعده عن تلك الحالة .
3. قاطعه حتى يحافظ على تركيزه : لا تدعه يسترسل في سرد خبرات الفشل , ولكن اطلب منه أن يركز على موقف محدد .
4. ضع قيود بالنسبة لوقت الجلسة قبل البداية : وذلك حتى يحاول المريض التركيز في موضوع محدد .
5. اسأل عما يريده المريض منك : وما يتوقع أن تقدمه له من مساعدة .
6. أطلب منه تقديم بعض الحلول : ساعده على إيجاد الحل , ولا تقدم له حل جاهز أو سريع .
7. ساعده على تحمل المسئولية : واطلب منه القيام ببعض الواجبات .
ثالثا : نوبات الغضب :
حالة تنتاب الفرد , تتميز بالسرعة والحدة في رد الفعل تجاه المثيرات
الخارجية , وقد يصاحبها الرغبة في الاعتداء والتدمير أحيانا , سواء على
الذات أو الآخرين .
هو انفعال سيء غير مريح , يصاحبه الرغبة في الاعتداء والتدمير , وإنزال
الضرر بالآخرين أو بالذات أحيانا. ويصاحبه أيضا تغيرات فسيولوجية , تستهدف
تهيئة الجسم بالقوة والطاقة اللازمة للاعتداء , وإشباع دافع الغضب كارتفاع
السكر في الدم ( حتى يحترق مكونا طاقة ) , واندفاع الدم إلي العضلات ( حتى
تقوي علي إنجاز المطلوب منها في حالة الاعتداء ) , وزيادة درجة التجلط في
الدم ( حتى إذا تعرض الفرد لجروح أثناء مقاومة اعتداءاته , لا يستمر نزف
دمه كثيرا حفاظا علي حياته ) . كما أن للغضب مظاهر خارجية أيضا تظهر علي
ملامح الوجه وتغير لونه واهتزاز بعض أطراف الجسم وضعف السيطرة عليها .
وللتعامل مع تلك النوبات عليك ما يلي :
1. فكر أولا : لا تندفع أمام غضب الأخر , فكر كيف تساعده علي العودة للهدوء من خلال التفكير في البدائل المتاحة للتعامل مع المشكلة .
2. حدد الهدف من تدخلك : وليكن الحد من اندفاع الفرد وتهدئته , لأنه لن يعترف بخطئه خلال تلك الفترة .
3. تجنب الاستفزاز : لا تهاجمه , ولا تجعله يشعر بأنك تتجاهله . أخبره بأنك ترغب في مساعدته ولكن بعد هدوءه , وتغيير أسلوبه .
4. تحكم في مشاعرك وتعبيراتك وحركاتك الجسدية .
5. أنصت إليه : حتى يتخلص من الشحنة الانفعالية , ولا تجيبه على أسئلته مثل " لو كنت مكاني ماذا تفعل ؟ " .
6. قاطعه عندما تشعر بأنه بدأ يكرر نفسه : ويكون ذلك بإتباع ما يلي :
• اعترف بحقه في الغضب , لأنه لم يدرك الأمور كما تدركها .
• اسأله ما الذي يريده منك ؟ وجه السؤال بطريقة يشعر بها برغبتك الحقيقية في المساعدة .